
سأحاول أن أتطرق في هذا الموضوع إلى نوع واحد من الواجبات يتعلق الأمر بالضمان أو التأمين المدرسي والرياضي ،المؤطر بظهير 26 أكتوبر 1942 المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات المدرسية العمومية، فمقابل كل أداء لهذا القسط تلتزم الدولة بضمان تعويض عن الحوادث التي يتعرض لها التلاميذ المسجلة أسماؤهم بانتظام بالمؤسسات المدرسية العمومية ، وذلك أثناء الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابة المكلفين بهذه المهمة ،ويمتد هذا الضمان إلى الأطفال داخل المخيمات التي تسيرها سلطة حكومية ما ...
لكن مع تطور هذا القطاع المربح تم خصخصته لفائدة شركات متخصصة تحترف صناعة التأمين ،وهكذا تم تفويت الضمان المدرسي لشركة سينيا للتأمين عبر اتفاقية وقعت بمقرها سنة 2007 بين الوزير المسؤول آنذاك عن القطاع أحمد اخشيشن في حكومة عباس الفاسي والوزير حاليا بحكومة عبد الاله بنكيران مولاي حفيظ العلمي الرئيس المؤسس لشركة"ساهام"للتأمين التي ابتلعت شركة سينيا السعادة في طريقها !!
وبالرجوع إلى البرتوكول التطبيقي لهذه الاتفاقية فان شركة التأمين تقوم مقام الدولة في توفير وثائق خاصة تعرف لدى الإداريين بملف حادثة مدرسية تعبأ بكل دقة من طرف مدير المؤسسة ويتحمل المسؤولية الكاملة في الإدلاء بالمعطيات والبيانات الخاصة بالحادثة ، كما يتحمل المقتصد من قبله بإيصال المبالغ المالية التي حصلها من مجموع التلاميذ والتلميذات إلىحساب الشركة قبل 31 دجنبر من كل سنة ؛ولكم أن تتخيلوا المبلغ الذي يحول إلى هذه الشركة كل سنة مع العلم أن عدد تلاميذ الموسم الدراسي الحالي ناهز 7ملايين تلميذ وتلميذة !!
وبالمقابل تعد الشركة منخرطيها بجملة من الخدمات المهمة مثل التعويض عن الوفاة ، التعويض عن العجز الدائم ،تعويض المصاريف العلاجية والتمريض والترويض والنقل والمصاريف الصيدلانية… ،وبالطبع هنا مربط الفرس ، فلكي يحصل المستفيد على التعويض من شركة تأمينات فهو بالفعل إما محظوظ أو رجل قانون فذ !!
فقد تم تحصين الشركة من خلال العقد المبرم بينها وبين "الطرف الثاني " المفروض فيه الدفاع عن حقوق التلاميذ الضحايا بمجموعة من الإجراءات التقنية المعقدة واللجان الإقليمية والجهوية المشتركة ولجان التتبع بحيث يتيه المرء حتى يدرك من هو بالأحرى المطالبة بحق لم يعرفه من الأساس !!
فلا المقتصد الذي استلم من ولي امر التلميذ قسط التأمين يعرف بنود الاتفاقية لكي يوضح للمعنيين حقوقهم ولا المدير نفسه استفاد من تكوين من طرف الشركة حول هذه الحقوق !!
في احدى الحوادث رأيت أب تلميذ يرغد ويزبد في وجه مدير بعد أن تعرض ابنه لحادثة مدرسية وجاء مبلغ التعويض هزيلا ! وحالة أخرى أم تتساءل لماذا يجب عليها دفع تكاليف الراديو لمستشفى عمومي وشراء الأدوية لابنها الذي تعرض لحادث في مؤسسة تربوية عمومية !!بل إن تلميذة كانت تصرخ من شدة الألم بعد تعرضها لكسر في يدها أثناء حصة التربية البدنية ، ورفضت إدارة المشفى العمومي التعامل معها قبل أداء المصاريف إلى درجة أن المرافق الذي هو موظف بالمؤسسة التربوية اضطر إلى دفع المبلغ عنها حتى تستفيد من التشخيص بالراديو !!
الأسئلة الكثيرة ليست متكلفة ولامصطنعة بل هي معاناة حقيقية من جهة التلبيس المقصود من الوزارة الوصية ،ومن جهة ثانية التعقيد المقصود من شركة تتحكم لوحدها في أكثر من15% من سوق التأمينات المغربي، و تزداد أرباحها بشكل غير طبيعي بلغت في احدى السنوات 182% بثقل مالي 3.5 مليار درهم !!،ويرأسها وزير في حكومة دستور 2011 !!!!