عبد النبي الشراط ـ تاونات نيوز ـ في ثمانينيات القرن الماضي كان هم كاتب هذا السطور ينصب حول المطالبة بتحسين وضعية الحياة المعيشية للناس في هذه المنطقة التي كنا صنفناها حينها ضمن "العالم الثالث عشر".
كانت المقالات والمراسلات والأخبار تنصب حول مطالب:
- إصلاح الطرقات وتعبيدها..
- ايصال التيار الكهربائي لهذه المناطق غير النافعة..
- المطالبة بحفر آبار المياه ،من تم المطالبة بتعميم الماء على هذه المداشير والدواوير.
كنا نكتب ونطالب.. وكانوا يحاربوننا ويلفقون التهم لنا..
كنا نناضل من أجل تحسين عيش المواطنين، وكانوا يؤلبون علينا أولئك المواطنين.. واستمرت القصة...
بعد سنوات وسنوات وسنين نجد أنفسنا مضطرين للحديث مرة أخرى عن هذه المنطقة التي يبدو أن - نحس منتخبيها ومسئوليها- مازال يتأبط بأطرافها..
الحقيقة أن الكثير من المطالب تحققت، لكن بمساهمة الاتحاد الأوروبي ودول أخرى خاصة ما يتعلق بموضوع كهربة المنطقة وشق بعض الطرقات وتعبيد أخرى،،
لكن هناك تعثرات في كل هذه الإنجازات التي تحققت، وفي مقدمتها الطريق والكهرباء. أما الماء فمازلنا ننتظر أن تتفضل دول الإتحاد الأوروبي بالتبرع لهذا المشروع المائي المتوقع، أما الدولة فيبدوا أن هذه المنطقة غائبة عن أجندتها..
الطريق..
بعد إنجاز مشروع سد الوحدة الكبير تم تغيير العديد من مسارات الطرق التي كانت تربط بين عدد من القبائل.
في العهد القديم (عهد ما قبل سد الوحدة) كانت هناك صلة وتواصل بين قبائل بني زروال وقبيلة بني مزكلدة،والقبائل المجاورة مثل فشتالة وشراكة وغيرها.. سواء على صعيد الأسواق الأسبوعية المشتركة أو على صعيد التواصل العائلي والخدمات المتبادلة بين القبائل المذكورة، لكن بعد -معلمة سد الوحدة الكبير- أضحت المسافة الفاصلة بين قبيلة بني مزكلدة وقبائل بني زروال أشبه بالمسافة بين المغرب والجزائر بعد إغلاق الحدود البرية.
من يرغب في زيارة عائلته أو لأي مصلحة أخرى على سكان بني مزكلدة أن يسافروا برا عبر قبيلة بوبعان ثم يتلمسون الطريق إلى بقية قبائل بني زروال وقد تستغرق الرحلة يوما كاملا بعد أن كانت في الماضي لا تتعدى ساعة واحدة أو أقل، وإذا رغب أحد في اختصار هذه المسافة فعليه أن يغامر بحياته عبر ماء سد الوحدة، حيث القوارب هناك تشتغل باسم الفوضى، لا تأمين ولا ترخيص ولا شيء.. فمن عبر الماء ونجا فقد قيض الله له الحياة من جديد، ومن وقع وسط الماء فرحمة الله عليه..
هذا جزء من القصة، أما بقيتها فتكمن في أمور أخرى لا قبل لأحد بها ويتمثل الأمر في أن جماعة تافرانت أضحت مثل جزيرة شبه معزولة عن بقية المناطق المجاورة، خاصة عندما تم فتح طريق تصل الدواوير التابعة لجماعة تافرانت عن طريق غفساي، علما أن هناك طريق مرقم منذ عهد الاستعمار الفرنسي تربط بين تافرانت وبقية دواويرها ومداشيرها تقريبا، وهي الآن مهملة ولا يمر منها إلا الدواب .. هذه الطريق تربط بين تفرانت وبعض الدواوير الرئيسية التابعة لها وتمر عبر غابة ماللا (أو كما تعرف في المصادر التاريخية ب:مليلا ) ومدشر ورداجة وصولا إلى زاوية سيدي أحمد الشريف عبر دواوير عين اقشر وأيلف وغيرها..
هذه الطريق في حالة اندثار الآن..
المجالس المحلية اجتهدت اجتهادا تعيسا حينما فكرت في فتح طريق تربط بين دوار اسجورة عبر دوار عين اقشر وتصل إلى بوبعان…
لكن لحد الآن مازالت الطريق المذكورة تعيسة ولا تفي بالغرض المطلوب، حيث تتوقف المواصلات عبرها بمجرد سقوط الأمطار.
هذه الأيام اجتهدت الجهات المعنية فقررت إنجاز بعض القناطر، لكن هذا الاجتهاد تداخلت فيه مصالح وأغراض انتخابية لا علاقة لها بالمصلحة العامة ومصالح ساكنة هذه الدواوير على الإطلاق.
التاريخ بدأ يعود بنا للوراء كثيرا.. ففي ستينيات القرن الماضي كانت القنطرة الأهم هي التي كان ينتظر أن تنجز على وادي ازهر القريب جدا من تافرانت وعبر هذا الوادي كان يمر الناس للأسواق والإدارة وتبادل الزيارات ويحكى أن عضوا بالمجلس القروي لتافرانت حينها.. عارض أن تنجز قنطرة عالية تسندها أعمدة أسمنتية على الأرض وطالب بانجاز قنطرة أرضية يمر الماء فوقها(…..) وكان له ذلك.. ودمرت القنطرة الأرضية بمجرد بداية أول فصل شتاء..
نفس الإجراء تكرر في القرن الحالي، وقبل سنوات فقط، في قنطرة أخرى تربط بين دوار عين أقشر ودوار أولاد بوعسول وتصل المنطقة بقبيلة بوبعان، حيث تم إنجاز قنطرة أرضية يمر الماء فوقها..
هذه الأيام أرادوا إنجاز قناطر بذات الطريق المذكورة، لكن نصيب قنطرة أولاد بوعسول عين اقشر ستبقى أرضية! حسب ما يتداوله الناس هناك..إنها مأساة مستمرة ..